و {أَرَأَيْتَ} قيل هي من الرؤية البصرية فتأخذ مفعولا واحدا، وقيل هي بمعنى أخبرني فهي علمية تأخذ مفعولين: المفعول الأول- وهو المستخبر عنه - {الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} ، والثاني- وهو متعلق الاستخبار ومناطه- جملة استفهامية مقدرة، والتقدير: أعلمت الذي يكذب بالدين من هو.
وقُدر المفعول الثاني: جملة استفهامية لأن {أَرَأَيْتَ} التي بمعنى أخبرني لم يأت مفعولها الثاني مصرحا به في القرآن الكريم إلا جملة استفهامية، فكان أن قدر هنا جملة استفهامية طردا للأسلوب على نمط واحد وطريقة واحدة.
والمراد بـ {الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} قيل هو شخص معينّ، وذكروا أشخاصا بأسمائهم، وقيل- وهو الحق - أنه على عمومه، فيشمل كل من كان مكذباً بالدين.
وقد اختلفت آراء العلماء في استفهام {الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} : فذهب ابن خالويه إلى أنه للتقرير والتنبيه، وذهب الفخر الرازي والبيضاوي إلى أنه للتعجب، وقال أبو السعود إنه للتشويق والتعجب.
والذي يبدو لي أن استفهام {أَرَأَيْتَ} هنا يفيد التشويق والتنبيه:
يفيد التشويق على معنى تشويق المخاطب وإثارة تطلعه واستشرافه إلى معرفة جواب هذا الاستفهام، حتى إذا جاءه الجواب تمكّن منه فضل تمكن.
ويفيد التنبيه تنبيه المخاطب لأمر جدير بالتأمل والتبصر، ذلك حرمان اليتيم من حقه، والبخل على المسكين بطعامه الذي يستحقه، فإنهما يدلان على أنّ المقدم عليهما لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا ولا يحسّ برحمة، وذلك مما ينبغي للمؤمن أن يتقيه ويحذر منه.
أختي الاستفهامية:"هل":
أريد الآن أن أبدأ الحديث عن الأسلوب الثالث من أساليب الهمزة الداخلة على الفعل الماضي (رأى) بعد أن حدثتك عن الأسلوب الأول وهو (أرأيتم) في رسالتي السابقة، وبعد أن انتهيت من الحديث عن الأسلوب الثاني وهو (أرأيت) في هذه الرسالة.