للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء مفيدا التنبيه أيضا: التنبيه لحال تبعث على التعجب وتثير الاستغراب، وتدعو إلى التدبر والتبصر، حال أبي جهل- وما أكثر آباء الجهل- فقد وقف إلى جانب الباطل وهو يعلم أنه باطل، وترك جانب الحق وهو يعلم أنه حق، وعبد الأصنام وهو يراها لا تسمع ولا تعقل ولا تضر ولا تنفع، وأعرض عن عبادة الله الواحد القهار، وكذب من يعلم صدقه وأمانته وكان عليه أن يصدقه ويؤمن به.

ويفيد هذا الاستفهام أيضا التهديد والتوعد: تهديد أبي جهل وتوعده بأن الله تعالى ليس بغافل عما يفعل، فهو يراه وسوف ينتقم منه وينزل به العذاب الأليم.

ويدخل مع أبي جهل في هذا التهديد والتوعد أمثاله الذين يمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ويحولون بين المسلمين وبين إقامة الصلاة.

أما الآية العاشرة التي ورد فيها استفهام: {أَرَأَيْتَ} ففي قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ, وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} الآيات: (١-٣) من سورة الماعون.

وتتضمن هذه الآيات الكريمة:

أعلمت الذي يكفر باليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب من هو، وعلى أي صفة يكون، إن لم تكن قد علمته فذلك الذي يدفع اليتيم عن حقه دفعا في خشونة، ويرده عن طعامه الذي يستحقه في غلظة وقسوة، ولا يحث نفسه ولا غيره على إطعام المساكين طعامهم دون مِنة وتطاول، ذلك هو الذي يكفر باليوم الآخر وما فيه، ولو كان قد آمن به وبما يقع فيه ما فعل الذي قد فعل من قسوة وغلظة وإمساك يد وشحّ.

والتاء في {أَرَأَيْتَ} خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وقيل هي عامة تشمل كل من يصلح أن يكون مخاطباً.