للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن قول أبي حيان: "لانعقادهما - أي المفعول الأول والثاني - مبتدأ وخبرا قبل دخول أرأيتك- قول يقال في أرأيت إذا كانت علمية ليست بمعنى أخبرني نحو أرأيت زيدا عالما- أما إذا كانت (أرأيت) بمعنى أخبرني فإن القول يختلف، فلا يكفي في المفعول الثاني أن ينعقد منه ومن المفعول الأول مبتدأ وخبر، بل لابدّ مع ذلك أن يكون المفعول الأول مستخبرا عنه من حيث المعنى، وأن يكون المفعول الثاني موضع الاستفهام والاستخبار عن المفعول الأول، وأن يبقى المعنى سليما مستقيما إذا ما وضعنا (أخبرني عن) موضع (أرأيت) ".

ولنعد إلى الآية الكريمة موضع البحث وهي: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً} فالمعنى والتقدير على ما ذهب إليه أبو حيان من أن الجملة القسمية هي المفعول الثاني لأرأيتك التي بمعنى أخبرني هو: أخبرني عن آدم هذا الذي كرمته عليّ لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأغوين ذريته إلا قليلا.

فالجملة القسمية هنا لا تصلح أن تكون مفعولا ثانيا لأرأيتك التي بمعنى أخبرني، لأنها ليست متعلق استفهام إبليس واستخباره حينما قالت: أخبرني عن آدم هذا الذي كرمته عليّ، ويظلّ السؤال قائما: ما الذي يريد إبليس أن يُخبر به عن آدم وعمّ يستفهم؟ وليست هناك من أحد يستطيع أن يدّعي أن قسَمَ إبليس {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ} ... هو الذي يريد إبليس أن يُخبر به عن آدم، وأن قسَمَ إبليس هو الذي يسأل عنه إبليس.

ولأنه لا ارتباط بين الجملة القسمية هذه وما قبلها ذهب المفسرون إلى أن هذه الجملة كلام مستأنف.