الوجه الثالث: أن الجواب هو الجملة الاستفهامية: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} ، وهو ظاهر عبارة الزمخشري، وقد ردّ أبو حيان هذا الرأي بقوله: لا يجوز أن يتعلق الشرط بقوله {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} لأنه لو تعلق به أعان جوابا له، لكنه لا يقع جوابا، لأن جواب الشرط إذا كان استفهاما بالحرف لا يقع إلا بهل مقدّما عليها الفاء، وأيضا الجملة الاستفهامية المصدرة بالهمزة لا يصح وقوعها جوابا للشرط.
الوجه الرابع: أن الجواب محذوف، دلّ عليه الاستفهام:{أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} ، والتقدير: إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة دعوتم الله.
الوجه الخامس: أن الجواب محذوف، دلّ عليه الكلام السابق وهو {أَرَأَيْتَكُمْ} والتقدير: إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة فأخبروني عنه أتدعون غير الله لكشفه. ومثل هذا قولهم: أنت ظالم إن فعلت، أي فأنت ظالم، فحذف فأنت ظالم لدلالة ما قبله عليه. (البحر المحيط ج ٤ ص ١٢٧) .
وهذا الوجه الخامس هو الذي اختاره أبو حيان وقال إنه الذي تقتضيه قواعد العربية، وهو الذي التزمته في جواب كل شرط جاء بعد (أرأيت) إذا كان المعنى عليه.
وقد كان للعلماء في المفعول الأولى والثاني لـ {أَرَأَيْتَكُمْ} ثلاثة آراء:
الرأي الأول: أن مفعولها الأول محذوف لدلالة الكلام عليه، وأن مفعولها الثاني محذوف أيضا لدلالة الجملة الاستفهامية عليه، والتقدير: أرأيتكم عبادتكم الأصنام هل تنفعكم. أو اتخاذكم غير الله إلها هل يكشف ضركم، وقال أبو حيان هو رأي ضعيف ولم يعلّل، وربما كان ضعفه في أنه متكلف لا داعي إليه.
الرأي الثاني: أنه ليس لـ {أَرَأَيْتَكُمْ} مفعول أول ولا مفعول ثان وأن الشرط الذي بعدها وجوابه سدّا مسدّ مفعوليها، وقال أبو حيان هو رأي ضعيف، ولكن السمين في حاشية الفتوحات الإلهية ردّ هذا الرأي بأنه لم يعهد في باب ظن أن يسدّ الشرط وجوابه مسدّ المفعولين.