الرأي الثالث: أن المفعول الأول ضمير محذوف يعود على {عَذَابُ اللَّهِ} وأن المسألة من باب التنازع، وأن المفعول الثاني هو الجملة الاستفهامية {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} .
وهذا الرأي الثالث هو الذي اختاره أبو حيان، وهو الذي التزمته فيما جاء على أسلوب {أَرَأَيْتَكُمْ} هنا.
وقد أفاد استفهام {أَرَأَيْتَكُمْ} في هذه الآية الكريمة توبيخ المشركين وتقريعهم على عبادتهم الأصنام وتركهم عبادة الله تعالى، مع أنهم إذا وقع العذاب بهم لا يدعون أولئك الأصنام لكشفه عنهم، وإنما يدعون الله وحده وينسون ما كانوا يعبدون.
ويفيد أيضا التنبيه: تنبيه المشركين على سوء صنيعهم، فهو يعبدون الأصنام التي لا تقدر أن تجلب لهم نفعا أو تدفع عنهم ضرا، ويتركون عبادة الله الذي لا يدعون غيره إذا نزل بهم البلاء.
ويفيد أيضا التعجب: التعجب من حال هؤلاء المشركين، فهم يعبدون الأصنام حتى إذا نزل العذاب وأصابتهم المصائب لجئوا إلى الله تعالى وحده ليكشف عنهم ما نزل بهم، وتركوا الأصنام وراءهم نسيا منسيا، وكان مقتضى هذا- لو كان لديهم إدراك سليم وفهم مستقيم ومُسكة من عقل وقليل من تدبر- أن يعبدوا الله القادر على أن يكشف عنهم العذاب والضر، وأن يتركوا عبادة ما لا يقدرون على شيء.
الآية الثانية قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ} . الآية (٤٧) من سورة الأنعام.
في هذه الآية الكريمة يأمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ما يتضمن:
أخبروني- أيها المشركون- عن عذاب الله إن أتاكم فجأة من غير مقدمات، أو أتاكم جهرة قد تقدمه علامات وأمارات- هل يهلك بهذا العذاب إلا أنتم أيها المشركون.