للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أجاز بعض العلماء أيضا أن تكون (أرأيت) وأخواتها (أرأيتم، أرأيتك، أرأيتكم) جوابا لإن الشرطية الواقعة بعدها إذا كان المعنى على ذلك، وقد ردّ أبو حيان هذا الرأي أيضا بأنّ "إنْ"الشرطية لها الصدارة فلا يصح أن يتقدم معمولها عليها، وأرأيت وأخواتها حينئذ تدل على الجواب وليست هي الجواب نفسه، وما ذهب إليه أبو حيان هو مذهب البصريين، أما الكوفيون فقد أجازوا تقدم جواب الشرط على الشرط.

ومن الأمور التي أحب أن أنبهك عليها أن الكسائي قد ذهب في إعراب (أرأيتك، أرأيتكم) إلى أن التاء ها الفاعل وأن الكاف اللاحقة بالتاء في موضع المفعول الأول.

ويرد على مذهب الكسائي هذا أمران: أحدهما أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك أرأيتك زيدا ما فعل. فلو جعلت الكاف مفعولا لكانت المفاعيل ثلاثة.

وثانيهما أنه لو كانت الكاف مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى، لأن كلا من الكاف والتاء واقع على المخاطب وليس المعنى على ذلك، إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك، ولذلك قلت أرأيتك زيدا، وزيد ليس هو المخاطب ولا هو بدل منه. (الفتوحات الإلهية ب ٢ ص ٢٧) ، (إملاء ما منّ به الرحمن للعكبري ج١ ص ٢٤٢) .

ويقول الفراء: للعرب في (أرأيت) لغتان ومعنيان: أحدهما رؤية العين، فإذا أردت هذا عديت الرؤية إلى ضمير المخاطب، وتتصرف الرؤية تصرف سائر الأفعال، تقول للرجل: أرأيتك على غير هذه الحال؟ تريد هل رأيت نفسك، ثم تثني وتجمع فتقول: أرأيتما كما، أرأيتموكم، أرأيتنَّ كُنَّ.

والمعنى الآخر أن تقول: أرأيتك إن فعلت كذا ماذا تفعل؟ أي أخبرني، وتترك التاء - إذا أردت هذا المعنى - مُوحَّدة على كل حال، تقول: أرأيتكما، أرأيتكم، أرأيتكن.