فإن كتاب تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي ألفيته كتاباً نافعاً ومفيداً فهو أحد الجهود العظيمة التي بذلها المصنف في خدمة هذا الدين ففيه نكت جيدة تنبئ عن همة عظيمة وعزم لا ينثني لدى علماء الأمة المحمدية بتِوخي الدقة في النقل، وسلامة الرواية وتحرير الألفاظ، حتى تكون السنة المطهرة أقرب ما تكون للفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن تخرج عن المعنى الذي أراد، ولا غرابة في مطاردة العلماء كل شاردة من كنوز السنة واستقبالهم كل واردة منها، فهي المصدر الثاني من مصادر الشريعة الإسلامية لذا وجبت العناية بدقائقها وتوخي الدقة والأمانة في تلقيها ونقلها هذا ما حفز الإمام الزركشي رحمه الله أن يعني بكتاب عمدة الأحكام للإمام الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله، ويأخذ شرطه ميزاناً يطبقه على كل حديث أورده في العمدة وقد استطاع الزركشي رحمه الله أن يستدرك ستة وسبعين موضعاً من مجموع أربعمائة وسبعة أحاديث. وتلك المواضع التي سجل فيها الزركشي اعتراضاً أوافقه فيها سوى ستة مواضع فقد سجلت الرأي مدعماً بما يؤيده ولقد كانت جولة ممتعة مع الحوار الهادف المفيد وكانت محاور الحوار [٥] تارة تدفعنا إلى صحيح الإمام البخاري، وأخرى إلى مسلم، وثالثة إلى العمدة وإلى عشرات المصنفات والشروح كل ذلك بحثاً عن الدقة والسلامة في اللفظ والمعنى وسيجد القارئ الكريم ما تسعد به نفسه في الجانب الحديثي، والجانب اللغوي من هذا الكتاب النفيس، وقد رأيت تقسيم العمل في هذا الكتاب إلى تمهيد وثلاثة أقسام وخاتمة.
التمهيد وفيه كلمة موجزة عن الصحيحين وعناية الأمة بهما، ثم عمدة الأحكام.