للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شرط منكوخان للاستجابة لطلب لويس التاسع أن يخضع الملك لويس له فعاد الرسول خائبا في هذه السفارة أيضا.

إلا أن هذا الرسول سمع في قرة قوروم أثناء إقامته بها أخباراً تفيد أن المغول ينوون مهاجمة بلاد الخلافة العباسية والاستيلاء على بغداد نفسها. فبادر لدى عودته إلى عكا بإرسال الخبر إلى لويس التاسع الذي كان قد غادرها إلى فرنسا [١٧] .

وقام هيثيوم الأول ملك أرمينية الصغرى بمثل ما قام به لويس التاسع من تودد لمنكوخان، حيث أرسل أخاه سمباد على رأس سفارة إلى عاصمة المغول عام ١٢٤٧ -١٢٤٨م (٦٤٥-٦٤٦ هـ) [١٨] ثم أتبعها بزيارة شخصية قام بها بنفسه للتأكيد على ولائه لمنكوخان وأصبح تابعا له [١٩] .

وهكذا يمكن اعتبار هذه الاتصالات المتكررة التي أثمرت انحياز منكوخان للنصارى بالعطف عليهم ورعايتهم وبإعلان حمايته للكنيسة، ووعده لهم بأنه سوف ينفذ أخاه هولاكو نحو الغرب ليحطم الخلافة العباسية- رمز الإسلام والمسلمين- ويستعيد الأراضي المقدسة في الشام ويسلمها للصليبيين الذين أخرجوا منها على يد صلاح الدين وخلفائه، حلفاً أثلج صدور الصليبيين وزاد من أملهم في سقوط الخلافة [٢٠] .

يمكن اعتبار هذه المبادرة الخطيرة نوعا من التحالف غير المعلن بين المغول والصليبيين ضد المسلمين، لعب في عقده كل من لويس التاسع وهيثيوم الأول الدور الأكبر، في حين لم يحاول بقايا الصليبين في الشام وقبرص القيام بأي جهد في هذا المجال، فلم يتصلوا قط بالمغول [٢١] إلا نادراً. منها ما رواه المقريزي: "أن جماعة من الفرنج خرجوا من الغرب وبعثوا إلى أبغا بن هولاكو بأنهم واصلون لمواعداته من جهة سيس في سفن كثيرة ... " [٢٢] .