للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبقيت طرسوسِ قاعدة لانطلاق القوات الإسلامية إلى بلاد الروم، وقاعدة لانطلاق القوات البيزنطية إلى بلاد الإسلام، طيلة عهد بنى أمية، فكانت تنطلق منها قوات الجهاد الإسلامي إلى القسطنطينية، وإلى بلاد الروم سنويا على نظام الصوائف والشواتي التي استنها معاوية في حرب الروم. وعندما كان الروم يغتنمون غرّه من المسلمين أو ضعفا كانوا ينطلقون من طرسوس كما فعلوا عندما هاجموا أنطاكيا عام ٧٩ هـ[٢٠] .

وتقدم الأمويون خطوة بعد انطاكيا، حينما مصّروا مدينة المصيصة عام ٧٤ هـ في عهد عبد الملك بن مروان، ومصّرها ابنه عبد الله وبنى مسجَدها، وشحنت بالجند عام ٨٥ هـ[٢١] . وقام الوليد بن عبد الملك (٨٦ ٩٦هـ) بتعمير ما بين أنطاكيا والمصيصة [٢٢] ، فأصبحت من ديار الإسلام. وفي عام ٩٣ هـ غزا العباس بن الوليد الروم ففتح سبسطية، والمرزبانين وطرسوس [٢٣] .

وعلى العموم فإن المسلمين في عهد بني أمية كانوا يغزون الروم بأهل الشام والجزيرة صائفة وشاتية مما يلي ثغور الشام والجزيرة، وتقيم الدولة للراكب الغزو، وترتب الحفظة في السواحل [٢٤] ، دون أن تجعل من هذه الأماكن المتقدمة قاعدة دائمة من القواعد الإسلامية، وهي خطة تقوم على التريث، وعدم الاندفاع في مغامرات غير مضمونة النتائج، وعندما كانت الدولة تحسّ بالوقت الملائم للتقدم، تتقدم كما فعلت في تمصير أنطاكيا وقنسرين، والمصيصة. ويظهر أن الأوضاع المناسبة لم تظهر لتمصير طرسوس في العهد الأموي. واحتاج الأمر لسنين طويلة من العهد العباسي حتى تمّ تمصيرها. وبقيت خلال هذه الفترة تقوم بالدور المناط بها كقاعدة لانطلاق القوات فقط.

طرسوس في عهد قوة الدولة العباسية ٣٣ ١- ٢٤٨ هـ:

ظهرت الدولة العباسية عام ١٣٢ هـ، على أنقاض الدولة الأموية، وقامت بدورها في تثبيت الإِسلام، ومدِّه في البلاد التي فتحها المسلمون في عهد الأمويين [٢٥] .