تمكن المسلمون في عهد عمر بن الخطاب (١٣-٢٣ هـ) من تحرير بلاد الشام من الحكم الروماني الييزنطي، وبلغ أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه قائد الجبهة الشامية أقصى شمال الشام عندما فتح قنسرين ثم أنطاكيا، وأسلم بعض أهلها، ورابط فيها المسلمون من أهل النيات والحسبة. وأصبحت أنطاكيا قاعدة التحرك الإسلامي إلى آسيا الصغرى قبل تمصير طرسوس [٩] .
وكان فيما بين الاسكندرونة وطرسوس حصون ومسالح للروم [١٠] ، وعندما غادر هرقل الشام إلى غير رجعة عام ١٦هـ أخذ هرقل أهل هذه المدن والحصون معه [١١] ، وشعث الحصون [١٢] ، في خطة تعرقل سير المسلمين إلى آسيا الصغرى. بحيث لا يسيرون في عمارة متصلة ما بين أنطاكيا وبلاد الروم [١٣] . فكان المسلمون إذا توغلوا في بلاد الروم لا يجدون أحدا، وربما كمن عندها الروم فأصابوا غرة المتخلفين، فاحتاط المسلمون لذلك [١٤] .
وكان أول القادة المسلمين وصولا إلى طرسوس أبو عبيدة رضي الله عنه، غزا الصائفة فمرّ بالمصيصة، وطرسوس، وقد جلا أهلهما، وأهل الحصون التي تليها، فأدرب وبلغ في غزاته زندة، وقيل إنما وجه ميسرة بن مسروق العبسي [١٥] .
وفي عام ٢٥ هـ غزا معاوية والي الشام الروم، فبلغ عمورية، ووجد الحصون التي بين أنطاكيا وطرسوس خالية، فجعل عندها جماعة كثيرة من أهل الشام والجزيرة وقنسرين، حتى انصرف من غزاته [١٦] . ولما أغزى يزيد بن الحرّ العبسي الصائفة أمره بمثل ذلك. ولما خرج هدم الحصون إلى أنطاكيا [١٧] ، وأَتمّ معاوية عملية الهدم هذه في غزوته من ناحية المصيصة عام ٣١ هـ[١٨] .
وفتح جنادة بن أبي أمية الازدي طرسوس عام ٥٣ هـ في غزو المسلمين القسطنطينية زمن معاوية رضي الله عنه [١٩] .