كان عقبة بن سلم والي البصرة لأبي جعفر المنصور، منتجعاً خصباً ومورداً ثريا لبشار بن برد، وجد عنده رواجاً لمديحه، فأكب على تجويده لما يلقى منه من جزالة الجائزة والعطاء المغداق، ولم ينكر بشار بن برد أن الرغبة المادية كانت الباعث الملحاح على كثير مديحه في عقبة، وعلى التفوق فيه، إذ قال له قائل:"إن مديحك عقبة بن سلم فوق مدائحك كلَّ أحد؟ فقال: إن عطاياه إياي كانت فوق عطاء كل أحد"[٣١] . وكان الشعر لبشار وسيلة من ليس له وسيلة كسب غيرها إذ لم تكن له موارد إضافية من إرث أو مزاولة مهنة، وكان العصر يتفجّر بالغنى، ولا يسد مطالب عيش رفةٍ رغدٍ إلا مالٌ وفر، فكان الحافز للمدح حيوياً، ولم يكن للشاعر مندوحة عن استنباط ملكة الإبداع ليبلغ موضع الرضا الفني من ممدوحه فيصيب من المال ما ينهض به من شظف الفاقة والحاجة إلى لين الاغتناء، ولعله بلغ ما أمّل في مضماري الفن والثواب، ولم يكن ما قاله في هذه القصيدة: