أما الإمام البخاري: فهو: أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل، البخاري إمام المحدثين، صدر في هذا الشأن بغير منازع، فاق الحفاظ والمتقنين لم نسمع بأحفظ منه ولا أعلم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم – ومقاصده, ومؤلفاته تنبئ عن تقدمه في الرواية والدراية، ولد في سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة، في مدينة بخاري من بلاد خراسان، تحدث عنه العلماء بما يذهل، من بداية طلبه العلم إلى وفاته، وكان مستجاب الدعوة، مات سنة ست وخمسين ومائتين، في قرية من قرى سمرقند- رحمه الله -[١٣٧] .
٢- صحيح مسلم:
كان الإمام مسلم - رحمه الله - مقتديا بأستاذه الكبير الإمام البخاري من حيث العناية بالصحيح من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه سلك طريقا تخالف البخاري من حيث المنهج، وهنا قال بعض الأئمة:"ما تحت أديم السماء أصحّ من كتاب مسلم بن الحجاج "[١٣٨] , لكن مسلما فاته شيخه في الحيطة والتثبت. ومن ذلك:
أ- تحقيق جانب العلم بهذا الشأن رواية ودراية، قال الإمام مسلم- رحمه الله -:
"إن من الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقدين لها، والمتهمين، ألاّ يروى منها إلاّ ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم، والمعاندين من أهل البدع "[١٣٩] . وهذا مبدأ التثبت في النقل.
ب- الانتقاء، قال الإمام مسلم:"صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة"[١٤٠] .
جـ- التروي وعدم العجلة, قال الإمام مسلم:"ما وضعت في كتابي هذا المسند إلا بحجة، وما أسقطت منه شيئا إلاّ بحجة "[١٤١] .
د- العرض على العلماء, قال الإمام مسلم:"عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار، أن له علة تركته، وكل ما قال إنه صحيح وليس له علة خرجته"[١٤٢] .