للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه كتب مفيدة، تضمنت التنبيه على مواضع مشكلة، وقعت في كتب الحديث المهمات، كالصحيحين وكتب السنن وغيرها، يسر الله سبحانه التفطن لها، وقلّ من رأيته تعرض لها، فمنها ما منّ الله تعالى بحل إشكاله، وبيان الصواب فيه، ومنها ما يغلب على الظن كونه وهماً، إما من الناسخ، أو من أصل التصنيف، ومنها ما تردد النظر فيه، والانفصال عنه قريب، فذكرته ليعرف ذلك، وما لم يتوجه فيه شيء من ذلك، فتركته منبها عليه، ليظفر بالصواب فيه من سهل الله عليه ذلك فيفيده، وبالله تعالى أستعين، وعليه أتوكل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

١- فمنها: ما وقع في الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة، عن نافع، عن ابن عمر- رضي الله عنهما - قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ أمامكم حوضي [١٧٥] ما بين ناحيتيه كما بين جرباء [١٧٦] وأذرح " [١٧٧] . وهذا لفظ مسلم [١٧٨] ، وعنده من طريق عبيد الله [١٧٩] بن عمر، عن نافع نحو ذلك [١٨٠] . وزاد قال: عبيد الله: فسألته - يعني نافعا - فقال: "قريتان [١٨١] بالشام، وبينهما مسيرة ثلاثة أيام" [١٨٢] . وتبع نافعا على هذه المسألة [١٨٣] جماعة ممن تكلم على هذا الحديث.

وقال ابن وضاح من المالكية في أذرح: "إنها فلسطين" [١٨٤] ، وفي الصحيحين أيضا: عن حارثة بن وهب - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حوضي كما بين صنعاء والمدينة". وهذا لفظ البخاري [١٨٥] .

وقال - يعني ابن وضاح-: "سئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام - رحمه الله - عن الجمع بين [١٨٦] الحديثين؟ فقال: المقدر بما بين المدينة وصنعاء، هو بحسب الطول، وبما بين جرباء وأذرح هو بحسب العرض [١٨٧] . قلت: وهذا لا يستقيم، ففي صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء " [١٨٨] .