وفي صحيح مسلم، من رواية ابن وهب وغيره، عن يونس، عن الزهري، عن أنس - رضي الله عنه - قال:"كان خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - من ورق، وفصه حبشي "[٥٩٦] . وفي رواية قتادة، وعبد العزيز بن صهيب، عن أنس، نحوا من ذلك [٥٩٧] ، وهذا يدل على بقائه في يده، وكأن الشيخين - رحمهما الله - إنما أخرجا الحديث الأول مع بقية الأحاديث، ليبينا ما في تلك الرواية من الوهم، وقد حاول القاضي عياض، ثم الشيخ محي الدين [٥٩٨]- رحمهما الله - تأويل حديث ابن شهاب المتقدم، على أنه لما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريم خاتم الذهب، اتخذ خاتم فضة، فلما لبس خاتم الفضة أراه الناس في ذلك اليوم، ليعلمهم إباحته، ثم طرح خاتم الذهب وأعلمهم تحريمه، فطرح الناس خواتيمهم من الذهب، فيكون قوله:"فطرح الناس خواتيمهم"[٥٩٩] . أي: خواتيم الذهب، وفي هذا التأويل من التعسف ما لا يخفى، وتنزيل ألفاظ الحديث عليه فيه عسر، ولكنه خير من التغليط. والله الموفق.