وُيعنى به النحويون، فيفردونه بالتبويب، ويبحثون في صيغه، وشروط صوغه, وإعراب تلك الصيغ، وأحكام تقديم معموله وتأخيره، وغير ذلك من أحكام، كما يذكرونه في الحديث عن (أفعل) التفضيل، ويحيلون على الشروط التي ذكرت في فعلي التعجب، لاتفاقهما فيها.
والتعجب:"استعظام فعل فاعل ظاهر المزيّة، بسبب زيادةٍ فيه خفي سببها بحيث لا يتعجب مما لا زيادة فيه، ولا مما ظهر سببه"[٨] . ويُعرِّفه الرضي بأنه:"انفعال يعرض للنفس عند الشعور بأمر يخفى سببه، ولهذا قيل: "إذا ظهر السبب بطل التعجب" [٩] فالتعجب إنما يكون مما ندر من الأحكام، ولم تعرف علَّته"[١٠] .
وحين يطلقون فعل التعجب فالمراد به عندهم صيغتا (ما أفعله) و (أفعِل به) ، إذ من المعلوم أن للتعجب صيغا غير هاتين، بعضها سماعي وبعضها قياسي.
فالسماعي مثل قوله تعالى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ}[١١] وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: "سبحان الله، إن المؤمن لا ينجُس". وقول العرب:"لله دَرُّه فارساً"، وقولهم:"يالك من ليل", "وما أنت جاره", "لله لا يُؤخر الأجل"[١٢] وفي تذكرة أبي حيّان: "وقد تجيء عن العرب ألفاظ مختلفة مضمنة معنى التعجب، ليست مما يدخل تحت صيغة تلزمها أحكامها، فمن ذلك قولهم: "ما أنت من رجل، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، وحسبك بزيد رجلاً، ومنها: ما جاء باللام وبالتاء في باب القسم، ومنها:(فعُل) في باب (نِعمٍ وبئسٍ) ، إذا دخلت عليه اللام, نحو: لكرم الرجل" [١٣] . وقد عد بعض النحاة (فَعُل) صيغة قياسيةً, فيكون - على هذا - للتعجب ثلاث صيغ, قال ابن عصفور: "وللتعجب ثلاثة ألفاظ: ما أفعله، وأفعِل به، وفعُل" [١٤] , وقال الجوهري: "صور التعجب ثلاث: "ما أحسن زيداً وأسمع به، وكبرت كلمةً"[١٥] .