"رهبان في الليل، فرسان النهار، لو حدثك جليسك حديثاً ما فهمته، لما عَلاَ من أصواتهم بالقرآن والذكر، يصومون النهار، ويقومون الليل، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصحون بينهم، يعفّون عن المغانم، ولا يستحلًونها إلاّ محلّها".
وهذه الصفات التي تمتع بها القادة والجند استهوت أهل البلاد المفتوحة، وكانت من أهم أسباب تسارع الناس إلى اعتناق الإسلام.
تطبيق مبادئ الحرب في الإسلام:
طبق المسلمون قواعد الإسلام في حربهم، فكانوا يعرضون على أعدائهم أحد أمرين قبل القتال: الإسلام، أو الجزية:
فمن أجاب للإسلام كان أخاً للمسلمين له ما لهم، وعليه ما عليهم، ومن أبى وأجاب للجزية قبل الحرب، فليس عليه ذل أو صغار، ويبقى في أرضه مكرّماَ في ذمة المسلمين، أماّ من حارب حتى رضخ للجزية فهو الصّغار، الذي هو الخضوع لأحكام الإسلام. قال الإمام الشافعي:
وسمعت عدداً من أهل العلم يقولون:
"إن الصّغار أن يجريَ عليهم حكم الإسلام ".
وهذا محتوىَ الآية الكريمة في قوله تعالى:
{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (١) .
فكن أول ما يبتدئ به القادة المسلمون: الدعوة إلى الإسلام. والأمثلة على ذلك كثيرة أذكر منها:
- دعوة خالد بن الوليد لأهل الحيرة، عندما خرج إليه أشرافهم.
فقال لهم: "أدعوكم إلى الله، وإلى الإسلام ... ".
- وعندما واجه خالد بن الوليد "جرجة"أحد قادة الروم مبارزاً إياه يوم اليرموك، دعاه إلى الإسلام، وبدت له محاسنه، وأكد له:
"أن أجر من يدخل الدين، مثل السابقين، وأفضل".
فكان أن أسلم "جرجة"وقاتل قومه، واستشهد مع المسلمين يوم اليرموك.
(١) سورة التوبة الآية: ٢٩.