_ وتظهر الدعوة إلى الإسلام بوضوح في المفاوضات التي كانت تسبق المعارك الحاسمة كالقادسية واليرموك، وأجنادين، ونهاوند، وجلولاء، وبابليون ...
- ففي القادسية: ترددت الرسل بين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، و"رستم"قائد الفرس. وكان "رستم"قد طلب من سعد أن يوجه إليه بعض أصحابه فأرسل إليه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فقصد سرير "رستم"وكان يجلس عليه، وهو من الذهب، وقد زيّن مجلسه بالفرش المنسوج بالذهب، ولبس على رأسه التاج وأقيمت الفيلة حول المكان- وأراد المغيرة أن يجلس على سريره معه، فمنعه الأساورة، وبعد مداولات قال المغيرة:
"إن الله بعث إلينا نبيه صلى الله عليه وسلم، فسعدنا بإجابته، واتباعه وأمرنا بجهاد من خالف ديننا، حتى يعطوا الجزية، ونحن ندعوك إلى عبادة الله وحده، والإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم، فإن فعلت، وإلا فالسيف بيننا وبينكم".
ولما قال "رستم":
"والشمس والقمر، لا يرتفع الضحى غداً حتى نقتلكم أجمعين"، قال المغيرة:"لا حول ولا قوة إلا بالله"وانصرف عنه.
وكان "رستم"قد استمع إلى عدد من رسل المسلمين، وبينوا له أهداف الجهاد، فأعجب بالمسلمين، وبإجاباتهم السديدة حتى قال لأصحابه:
"انظروا فإن هؤلاء لا يخلو أمرهم من أن يكون صدقاً، أو كذباً، فإن كانوا كاذبين، فإن قوماً يحفظون أسرارهم هذا الحفظ، ولايختلفون في شيء، وقد تعاهدوا على كتمان سرهم هذا التعاقد، بحيث لا يظهر أحد منهم سرهم، لقوم في غاية الشدّة والقوة، وإن كانوا صادقين، فهؤلاء لا يقف حذاءهم أحد".
_ وفي مفاوضات حصن بابليون عام ٢٠ هـ، استقبل عمرو بن العاص، رسل المقوقس في محاولة للتوصل إلى الصلح، فأبقاهم عنده يومين- ليشاهدوا حياة المسلمين الإسلامية، وهي طريقة ناجحة لتبليغ الدعوة، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الوفود- وبعد ذلك قال لهم عمرو: