للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمسك الفاتحين بعقيدتهم، وتطبيق أحكام الإسلام على أنفسهم، والتزِامهم بها، وحسن عرضهم لدعوتهم. فقد عرضوا الإسلام على أهل البلاد، سلوكا، وعملاً، وقولاً، فاعتنقه كثير من النصارى واليهود والمجوس وفي أعداد كثيرة، وحماسة كبيرة. وأقبلت عليه جميع العناصر التي أظلتها راية دولة الإسلام في الشام، والعراق، وفارس، ومصر، وبرقة، وتركستان، والمغرب. وفيهم العربي، والفارسي، والقبطي، والبربري، والتركي وغيرهم. وامتزجت هذه العناصر وكونت أمة واحدة هي أمة الإِسلام، وبلاداً هي دار الإسلام، ومملكة هي مملكة الإسلام، جمعتهم عقيدة تعالى على المصالح المادية الزائلة، والوطنية، والإقليمية، والقومية. فكان جند الإسلام دعاة يخرجون الناس من الظلمات إلى النور.

فلما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية، خيّر الأسرى بأمر من الخليفة، فمن دخل الإسلام كان للمسلمين أخاً، وكانوا يكبّرون كلّما أسلم أسير مثل تكبيرة الفتح وأشدّ.

معاملة أهالي البلاد المفتوحة وفق أحكام الإِسلام:

وهذا من العوامل الهامة في إقبال الناس على اعتناق الإسلام، فاشتغل من بقي على دينه من أهل الذمة مطمئناً بالمهن، في ظل الحكم الإسلامي، فكادوا يحتكرون المهِن لانشغال المسلمين بالجهاد، وشئون الحكم، ورعاية شئون الناس. فاحترف اليهود مثلاً: الصياغة، ونسج الحرير، وصناعة الزجاج، وأدوات السفن. ونفذ النصارى إلى الوظائف الكتابية الإدارية في الدولة الإسلامية في الدواوين. وتركت لهم حرية تنظيم جماعاتهم.

وأقرّ المسلمون الناس في بلادهم، كما فعل خالد بن الوليد في العراق، إذ أقرّ الفلاحين، وأصبحت أرضهم لهم، بعد أن كانوا أقناناً عند الدهاقين (ملاك الأراضي من الفرس) ، وكما فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بفلاحي "بهرسير" بعد أن دعاهم إلى الإسلام فأبوا، فأقرهم على الجزية.