وألغى الإسلام الامتيازات الطبقية، تلك التي كانت تتمتعِ بها طوائف خاصة في البلاد المفتوحة، أيام الفرس والرومان، وأصبحت الأرض ملكاً عاما للأمة، ونظمت ضريبة الأرض الخراجية على أسس عادلة، مقدرة على كل وحدة مساحة.
وأصبحت جزية الرؤوس عينية على كل فرد.
وهذه الضرائب الخراج والجزية كانت بسيطة وتُجبى من أجل تحقيق المصالح العامة للأمة. مراعية مبدأ طاقة الناس ومقدار تحملهم.
وقد أعفى الناس من ضرائب المنازل، وأراضي المدن، والضرائب على المهن، والتجارة، وعلى الماشية. وأعفوا مما كان يؤخذ على الغلال لأغراض الكنائس، ومما كان يفرض على الأرض لمختلف الأغراض، كتطهير القنوات، والرسوم على النقل داخل البلاد، وغير ذلك. وأعفوا في بلاد فارس مما كان يطلبه رجال الدين المجوس من ضرائب أو تبرعات وما كان يُفرض عليهم في أوقات الحرب.
وبفضل الحكم الإسلامي ساد في الأقطار المفتوحة السلام، والأمن، فعمل الناس في النواحي التي كفلت لهم الرخاء، وحققوا تقدماً في مختلف النواحي العمرانية. واهتم ولاة المسلمين بالزراعة فحفروا الآبار، والأنهار بناحية البصرة، وكسكر، وأحيوا موات الأرض، وأكثروا سن تربية الماشية، واهتموا بإعمار البلاد.
وبالحكم الإسلامي تخلص أهل البلاد المفتوحة من أعظم بلاء كانوا يعانونه- وهو الاضطهاد الديني (١) ، الذي ساد في عهد دولتي فارس والروم، وتركت لهم حرية الاعتقاد. وأعفوا من الاشتراك في الحروب الداخلية والخارجية.
(١) انظر: أمثلة لهذا الاضطهاد: "بتلر"_ فتح العرب لمصر_ الفصل الثالث عشر ١٤٩، ١٦٢، ١٦٣، ١٦٦، و"أرنولد"_ الدعوة إلى الإسلام ٥٣.