هذا ولم تشر المصادر الإسلامية إلى هذه الاتفاقية غير ما أورده العيني عندما قال:"ومال الجيش المصري بالفرنج، ووعدوهم أن يسلموا إليهم بيت المقدس- إن نصروهم على الشامين- وكانت قد اشتدت الحرب بينهم" ورغم شعور الإنسان بالأسى والأسف لهذه المعاهدة، إلا أن من يعرف المماليك يوقن أنهم لم يكونوا معنيون بتنفيذ بعض بنودها، وخصوصا ما يتعلق منها بإعادة القدس إلى الصليبيين، أو تسليمهم ما هو غرب نهر االأردن، وأنهم كانوا يرون فيها خدعة تكتيكية لكسب الصليبين إلى جانبهم أو إبقائهم على الحياد، فباشروا أولا في تنفيذ بعض البنود كدليل على مصداقيتهم، فأخلوا سبيل باقي أسرهما الافرنج، وتنازلوا عن بقية الفدية المتبقية والبالغة حوالي ربع مليون جنيه ذهبي مصري، وأعادوا رؤوس قتلى الفرنج التي كانت معلقة على أسوار القاهرة منذ واقعة غزة.
وعليه توجه لويس التاسع من جانبه بقواته من قيسارية إلى يافا، وانتظر وصول المماليك للانضمام إليه لمحاربة الناصر يوسف، ولكن الملك الناصر يوسف أرسل جيشا رابط في غزة ليحول دون اجتماع جيوش الصليبيين والمماليك، مما أفسد عليهم خطتهم، وأخيرا تدخل الخليفة العباسي المستعصم بالله فسارع إلى التوسط بين الأيوبيين والمماليك فجنب بذلك القدس من السقوط مرة أخرى بأيدي الصليبيين، كما جنب المسلمين سفك دماء بعضهم خصوصا وأن الخطر المغولي قد أصبح على الأبواب.
ومع ذلك فإن لويس التاسع لم يفقد الأمل، فاستغل فترة خلاف المسلمين هذه لإصلاح أحوال الصليبيين، وتحصين مدنهم وحصونهم، فبدأ بتحصين مدينة عكا، باعتبارها عاصمة الصليبيين، ومقر إقامته، ومركز مملكة بيت المقدس، وأتم تحصينها عام ٦٤٩ هـ (١٢٥١م) حتى أصبحت بمنتهى المنعة.