للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاً: بأنه إذا علم أصل كلي. كرفع المضار، وجلب المنافع، وجب عقلا العمل بالظن في تفاصيل ذلك الأصل المعلوم كما إذا أخبر واحد عدل من مضرة شيء مخصوصة وعن ضعف جدار، وجب عقلا الاحتراز بذلك الشيء المضر وعن ذلك الجدار. وهذا المعنى متحقق في خبر الواحد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى ليبين الأحكام الشرعية المشتملة على مصالح العباد. وخبر الواحد يفيد الظن في تفاصيل تلك الأحكام والمصالح، فوجب العمل به عقلا.

ثانيا. لاشك في أن خبر العدل الواحد يمكن صدقه فحينئذ يجب العمل به احتياطا قياسا على

المتواتر، وقول المفتي لأن كل واحد منهما لما أمكن صدقة وجب العمل به، فكذلك هاهنا.

ثالثا: لو لم يجب العمل بخبر الواحد لخلت أكثر الوقائع عن الحكم والتالي باطل بالإجماع. بيان الملازمة أنه إذا لم يوجد في الوقائع الحادثة دليل إلا خبر الواحد، ولا يجب العمل به لزم خلو تلك الوقائع عن الحكم.

باب: الإجماع (١)

مسألة: كيفية الإجماع:

قال أبو العباس ابن سريج: "إذا قيل لك ما الأصل في وجوب حكم الإجماع؟. فقل: كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم". فالحجة من كتاب الله تعالى قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس} (٢) .

وجه الاستدلال: أن الوسط هو العدل، والشهادة هو القول بالحق. ألا تراه تعالى يقول: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} (٣) أي ناطقا بالحق.

والحجة من السنة: ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (٤) .


(١) انظر: الودائع بمنصوص الشرائع ٦٧٣.
(٢) سورة البقرة آية: ١٤٣.
(٣) سورة البقرة آية: ١٤٣.
(٤) انظر: تلخيص الحبير ٣/١٤١، والمعتبر ٥٧، وتحفة الطالب ١٤٦.