للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما قاله صلى الله عليه وسلم: "فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح" (١) .

وجه الاستدلال: أن الله تعالى أثبت الحجة بما هذه صفته علم بهذا النص أن المراد به الخواص من الناس لا العوام، وهم أهل العلم والقائلين بالحق.

فحقيقة الإجماع القول بالحق، فإذا حصل القول بالحق من واحد فهو إجماع، وإن حصل من اثنين أو ثلاثة فهو إجماع. وما حصل من ثلاثة إلى جملة لا تحصى فهو إجماع. والحجة على أن الواحد إجماع ما اتفق عليه الناس في أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما منعت بنو حنيفة الزكاة، فكانت مطالبة أبي بكر رضي الله عنه لها بالزكاة حقا عند الكل. وما انفرد بمطالبتها غيره، وكلهم مجمعون على أن مطالبته حق. فإذا ثبت أن واحد إجماع كان الاثنان فصاعدا بمعناه.

باب: القياس

قال أبو العباس ابن سريج: "إذا قيل لك ما الأصل في إثبات القياس؟. فقل كتاب الله وسنة نبيه".

فالحجة من الكتاب:

قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (٢) فالقياس استنباط بحمل فرع على أصل لاشتباه بينهما في الأصل.

وقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} (٣) فثبت حكم القياس. لأن القياس هو تمثيل الشيء بالشيء، وتشبيه الشيء بالشيء، فإذا جاز ذلك من فعل من لا تخفى عليه خافية ليريكم وجه ما تعلمون، فهو ممن لا يخلو من النقص والجهالة أجوز.


(١) انظر: المستدرك للحاكم ٣/٧٨، وكشف الخفاء ٢/ ١٨٨، والمقاصد الحسنة ٣٦٧، والمعتبر ٢٣٤.
(٢) سورة النساء آية: ٨٣.
(٣) سورة البقرة آية: ٢٦