وتأكيد فلهوزن على أن عبد الله بن عباس كان قائدا للجيش لا عبيد الله واحتجاجه على ذلك بما سبق الإشارة إليه يخالفه ما نقله زياد بن عبد الله البكائي عن عوانة بن الحكم الذي لا يتهم بمحاباة العباسيين قال: إن عبيد الله بن عباس كان واليا لعلي على اليمن، ولما بلغه مسير بسر بن أبي أرطاة إليه استخلف على اليمن عبيد الله ابن عبد المدان الحارثي وهرب إلى علي بالكوفة وذلك عام أربعين للهجرة، وأرسل علي بن أبي طالب جيشا إلى اليمن يتعقب جيش بسر، وقتل علي في نفس العام، ولم يرد ما يشير إلى أن عبيد الله بن عباس ترك الكوفة إلى اليمن [١٣٨] .
ويخالف فلهوزن أيضا ما جاء في الروايات الأخرى التي نقلها اليعقوبي والبلاذري وعمر بن شبة والمدائني [١٣٩] ، وذكرت أن قائد الجيش كان عبيد الله بن عباس، كما جاء في قول عامة أهل السير أن عبد الله بن عباس كان خرج عام أربعين للهجرة من البصرة ولحق بمكة على أثر ما جرى بينه وبين علي [١٤٠] ، ولكن فلهوزن يتهم هذه الروايات بمحاباة العباسيين، واتهام فلهوزن يبدو مما سبق ضعيفا عند المعارضة.
وسواء كان قائد الجيش عبد الله بن عباس أو عبيد الله بن عباس أو غيرهما فإن دواعي اتصال قائد جيش الحسن بمعاوية وطلب الأمان منه غير قائمة، فجيش الحسن قوي وممتنع كما جاء عند البخاري، والاتصالات والتنسيق بين الحسن وقيادته موجودة نقلا وعقلا، والحسن ولي الأمر ورأسه، وقد جرت المفاوضات بينه وبين وفد معاوية، وأخذ الأمان لأتباعه ومن كان في جانبه فضلا عن بني العباس وغيرهم من بني عبد المطلب بشأن الدماء والأموال، وأعلم الحسن قيادته بالصلح وتنازله عن الخلافة لمعاوية، وأمرها بالدخول في الجماعة ومبايعة معاوية، ولما رأى قيس ومن معه أنهم لم يعودوا مع إمام مفترض الطاعة، تركوا القتال وبايعوا معاوية، ودخلوا في الجماعة [١٤١] .