وأخذ محقق كتاب الإتحافات السنية محمود أمن النواوي في مقدمته [٩] على الكتاب المذكور بقول الدكتور محمد عبد الله دراز وادعى بأنه- أي دراز- أبطل القول بأن الحديث القدسي منزل على النبي- صلى الله عليه وسلم - بأسلوب قوي- كما زعم- ثم نقل كلامه فيه وأتبعه بقوله "والتحقيق في نظرنا أن البرهان على كون الحديث القدسي موحى بمعناه دون لفظه أن له صفة الحديث النبوي دون فارق سوى النسبة إلى الله سبحانه للإيذان بأهمية الخبر..." انتهى.
فهذه خلاصة ما ذهب إليه أصحاب هذا الرأي وأهم حججهم في الحياد عن الحقيقة وتأويلها ولنا كرة في بيان الصواب ورد شبههم إن شاء الله تعالى.
والآن أذكر من ذهب إلى أن الحديث القدسي كلام الله تعالى فقط
مسلك السلف في الأحاديث القدسية
يجدر هنا أن أشير بأن المتقدمين وسلف هذه الأمة لم يكونوا يعرفون هذه التأويلات وما كان يخطر ببالهم فكانوا يجرون النصوص كما هي سواء كانت في صفة الكلام أوفي غيرها من الصفات وذلك لوضوح دلالتها ومعانيها، فلذا لم ينقل عنهم بخصوص القرآن الكريم ما جرى في القرن الثالث من بدعة خلق القرآن وإثارتها إلى حد تعذيب العلماء وقتلهم لمن لا يقول بذلك ولا يعتقده ووقف إمام أهل السنة أحمد بن محمد ابن حنبل بصمود أمام هذه المحنة والفتنة وثبت على الحق حتى أحيى الله تعالى به السنة.
وهكذا لم يرد عنهم بخصوص الأحاديث القدسية شيء من ذلك إنما نقلوا تلك الأحاديث ضمن كتبهم كما رواها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى وهي صريحة في ذلك وواضحة في عزوه صلى الله عليه وسلم تلك الأحاديث إلى ربه- عز وجل- بقوله قال الله تعالى ويقول الله تعالى.