ومن هنا عنون البخاري في صحيحه بقوله باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه تعالى وذكر فيه ثلاثة أحاديث يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، وكذا عنون في مواضع من كتاب التوحيد في إثبات كلام الرب وذكر فيها الأحاديث القدسية ومن ذلك عنوان [١٠] باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة وذكر فيه ثلاثة أحاديث قدسية، ومما يؤيد بأن رأي البخاري في الأحاديث القدسية هو أنها هي من كلام الله تعالى بلفظه ومعناه عنوان [١١] : باب قول الله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ الله} ثم ساق تحت العنوان المذكور في حدود عشرة من الأحاديث القدسية مما يشير بأنها من كلام الله تعالى.
وهو يستشهد لترجمة الباب بها وقد سبقني إلى هذا فضيلة الشيخ عبد الله غنيمان في شرحه لكتاب التوحيد من صحيح الإمام البخاري وكما أفادني شفهياً أيضاً بذلك حينما سألته.
وصنيع الكرماني كذلك يدل على أن الأحاديث القدسية كلام الله تعالى بلفظه ومعناه كما سيأتي بيانه منه عند بيان الفرق بينها وبين القرآن الكريم.
وكذا الشهاب بن حجر الهيثمي في شرح الأربعين النووية في شرح الحديث الرابع والعشرين المسلسل بالدمشقيين وهو حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تعالى أنه قال:
"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا......." - رواه مسلم-[١٢] .
حيث قال:
الأحاديث القدسية من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لأنه المتكلم بها أولا، وقد تضاف إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا يضاف إلا إليه. فيقال: قال الله تعالى وفي القدسية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى.