للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبل أن أدخل في دراسة الكتب المؤلفة في الموضوع أريد أن أوضح بأن الأحاديث القدسية لم تنل من الاهتمام ما ناله القرآن الكريم حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اتخذ لكتابة القرآن كتبة يكتبونه، بجانب حفظهم القرآن في الصدور وحرصهم في ذلك ولذلك أجمعِت الأمة الإسلامية قاطبة على أن القرآن نقل إلينا بالتواتر وكان محفوظا في صدور الآلاف جيلاً بعد جيل.

أما الأحاديث القدسية فشأنها في النقل إلينا شأن الأحاديث النبوية وتدوينها مرتبط بتدوينها وعاملها المحدثون معاملة الأحاديث النبوية ولم أقف فيما بحثت عند المتقدمين إفرادها بالتصنيف زمن التدوين بل أدمجوها في الأحاديث النبوية فمظانها ومصادرها هي مظان كتب السنة النبوية ومصادرها ووسائل نقلها هي الوسائل نفسها، فلو استعرضنا الكتب المدونة في السنة من الصحف والمصنفات والمسانيد والصحاح والسنن لنجد فيها الأحاديث القدسية منثورة في ثناياها مع فارق الكم من كتاب لآخر، فعلى سبيل المثال نجد في صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه التي دونت في حياة أبي هريرة الأرقام التالية من الأحاديث "١٤، ١٧، ٣١، ٤٠، ٤١، ٥٤، ٦٦، ٨١، ١٠٧، ١١٨" [٦٦] ، وقس على هذا غيره من المصادر وسأذكر بعد قليل عدد الأحاديث القدسية في الموطأ والكتب الستة إن شاء الله تعالى.

فالغرض من ذلك بيان بأن الأحاديث القدسية لم تأخذ صفة الاستقلال في مرحلة تدوين السنة وتصنيفها فكانت تحتل المكانة التي تحتلها الأحاديث النبوية وتخضع للقواعد النقدية التي تخضع لها.

"بدء التأليف في الأحاديث القدسية استقلالا":