للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآن، وبعد هذا العرض السريع لمضمون الآيات السابقة نعود إلى تفيؤ ظلال الآيات الأربع التي أردنا تفيؤها في هذه الحلقة من الدراسة القرآنية المفيدة النافعة إن شاء الله تعالى. فنذكر أولا: أن المناسبة بين هذه الآيات وسابقتها هي مناسبة قوية كمناسبة الشبيه بشبيهه، والمشبه بالمشبه به، إذ الكاف في قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} . الآية. هي لتشبيه حال الكارهين لخروج الأنفال من أيديهم، وعدم ارتياحهم لذلك، في حين أن العاقبة كانت خيرا من ذلك، وإن كراهتهم لم تكن إلا من باب المثل القرآني: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} . أقول: إن الكاف في قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ} هي لتشبيه حال هؤلاء في كراهيتهم لما آلت الغنائم بخروجها من أيديهم، وردها إلى الله والرسول ابتدءا، بحال الفريق الذين كرهوا الاصطدام بقريش وقتالها على قلَّتهم وكثرتها، وخوفهم وقوَّتها في حين أن تلك الكراهية لم تكن لتخرج أيضا من مثل (عسى وعسى) لما كان في ذلك الاصطدام والقتال على كراهية بعض القوم له ومحاولة الفرار منه من الخير العظيم الذي لا يقدر قدره، والإنعام الكبير الذي لا يوفى شكره. وما هذه الغنائم التي تنازعوا اليوم إلا من خير ذلك القتال الذي كرهوه وبركته لو كانوا يذكرون.

هذا وجه المناسبة بين هذه الآيات وسابقتها وقفنا القارئ الكريم عليه.

أما معاني هذه الآيات فإلي القارئ الكريم ذلك بشيء من التفصيل أحيانا وبدونه أخرى:

قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} .