هذه الآية معناها الذي دل عليه لفظها هو تشبيه حال المتنازعين في غنائم بدر وكراهيتهم لخروجها من أيديهم - ابتداءا - بعد أن ظنُّوا كلَّ الظنِّ أنها لهم وحدهم، وأنهم أحق بها من غيرهم مع ما كان في ذلك التدبير الإلهي من خير، بحال الكارهين لقتال قريش يوم خروج الرسول صلى الله عليه وسلم بهم من بيته من المدينة يقودهم إلى المعركة بعد ما تعيَّنت، وإلى القتال بعد ما وجب، مع ما كان في ذلك أيضا من الخير لهم وحسن العاقبة.
في هذه الآية تصوير بديع لحال المتنازعين في الغنائم يوم تقدم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو قتال قريش بعد ما تعين عليهم ووجب، وهم يجادلونه - فداه أبي وأمي - ويحاولون التفصي من القتال والهروب من المواجهة، بحجة أنهم لم يخرجوا لقتال قريش ولم يستعدُّوا لذلك، وإنما خرجوا لعير أبي سفيان وتجارة قريش فقط. والمخاوف تنتابهم، وتصوُّر كرب المعركة يغشاهم، حتى لكأنهم يساقون إلى الموت الحتم، وهم ينظرون إلى أسبابه قائمة بين أيدهم، ماثلة أمام أعينهم: وضعت هذه الصورة الحية لهم ليشاهدوا بأعينهم حالهم قبل الظفر بالغنائم وكيف كانوا على وضعية يستحي معها صاحبها اليوم أن يطالب بالغنائم فضلا أن يحاول الاستئثار بها دون إخوانه المجاهدين معه. كل هذا من تأديب الله تعالى لأصحاب رسوله وتربيته لهم حتى كانوا مَثَل الكمال البشري، ولم تعرف الحياة لهم نظيرا على طولها.