وفوق هذا يأتي النهي الصارم لنوح - عليه السلام - أن يتجاوز في الدعاء أو أن يسأل ما ليس له به علم فإن من فعل أو صدر منه شيء من ذلك فإنه من الجاهلين.
الإيمان بالبعث
الإيمان بالبعث جزء من الإيمان باليوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان الستة، وقد كثر الاستدلال القرآني على البعث حساً وعقلاً وشرعاً وقبل الشروع في بيان ذلك لابد لنا من بيان معنى البعث وتعريفه:
فالبعث في اللغة بمعنى الإرسال والإشارة، يقال بعثه وابتعثه: أي أرسله.
وقال ابن فارس:"الباء والعين والثاء أصل واحد، وهو الإثارة، ويقال بعثت الناقة، إذا أثرتها".
وقال الأزهري: "والبعث في كلام العرب على وجهن: أحدهما: الإرسال، كقول الله تعالى:{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى} الأعراف ١٠٣ ويونس ٧٥. معناه أرسلنا. والبعث أيضا الإحياء من الله للموتى، ومنه قوله عز وجل:{ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} البقرة ٥٦، أي أحييناكم.
وأما البعث في الشرع: فهو إحياء الله سبحانه للموتى مرة ثانية من قبورهم، وإخراجهم منها، وعرضهم للحساب يوم القيامة ثم جزاؤهم إما الجنة وإما النار. والإيمان بالبعث يتضمن أموراً عدة:
ا- الإيمان بأن الله سبحانه يحي الموتى مرة ثانية، كما قال تعالى:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} الأنبياء١٠٤، وقال تعالى:{وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} الحج ٧.
٢- الإيمان بأن الله سبحانه يحاسب عباده، ويجازيهم على ما عملوا إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، قال تعالى:{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} الغاشية ٢٥-٢٦، وقال تعالى:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} الأنعام ١٦٥.