هذا ووجه العبرة لنا نحن اليوم وفي ظروفنا الراهنة هذه: أن المسلمين اليوم يكرهون شيئين عظيمين معا أحب الله تعالى لهم وأراد، ويُصِرُّون على ذلك إلى حد العناد والمكابرة. وهذان الشيئان هما: وحدة المسلمين في عقيدتهم وعباداتهم وشرعهم وقانونهم وحكومتهم وقيادتهم، مع أن تحقيق هذا الأمر وطاعة الله فيه من أيسر الأمور وأسهلها في هذه الظروف الحاضرة لوجود الأسباب وتوفر القدرات، فلم يكلف الأمر أكثر من التفويض لله والانقياد له، واجتماع حكام المسلمين وعلمائهم في مكة أو المدينة والخروج بوحدة كاملة، لا يكون من نتائجه سعادة المسلمين في حياتهم فحسب، بل وسعادة العالم أجمع.
والشيء الثاني: تخاذل المسلمين في قتال اليهود والسكوت عن احتلال اليهود لأُوْلى قِبْلَتَيْهِم ومسرى ومعراج نبيهم المسجد الأقصى وما حوله من الأرض المباركة.
في حين أن هذا القتال لو أرادوه وخاضوه لم يزد على أن يطهر قلوبهم من الجبن، وجيوبهم من المال الحرام، ومسجدهم من رجس اليهود. وقد يكون سببا في عزة دائمة للمسلمين. وقد يكون بداية وحدة بهم تشمل كل بلادهم، وتوجد منهم المنقذ المنتظر لعالم البشر.
وأيسر الطرق لذلك تكوين جيش إسلامي نظامي يسهم فيه جميع المسلمين بخير ما عندهم من صالح الرجال والسلاح، كل أمة بقدرها وطاقتها، ويوضع تحت قيادة إسلامية مشتركة، ويدرب ذاك الجيش أياما على الرغبة فيما عند الله، وحب لقائه، والرضا بحسن بلائه، بعد أن كان قد تدرب على استعمال السلاح وخوض معارك الكفاح، ثم يرمى به في أرض المعركة فلا يخرج منها حتى يطهر أرضها، ويعلن عن دولة للإسلام جديدة تحكِّم كتاب الله وتدعو كافة البشرية إلى الله، فيولد بها المولود المنتظر، وتقر بحكمها عيون البشر، لأنها دولة الله والحاكم فيها الله.
وختاما، آمل من كل قارئ أن يفكر جديا في تحقيق هذه الفكرة وأن يبذل لها ما يمكنه بذله، والله يحسن الجزاء لمن أحسن عملا.