إن بانهزام قريش انتصر الإيمان على الكفر، والحق على الباطل، وإلى الأبد، ولو كره المجرمون من اليهود والمنافقين المتربصين بالرسول والمؤمنين في المدينة.. والحمد لله على تدبيره لأوليائه، وحسن بلائه لهم. وأخيرا ما في هذه الآيات من الهداية القرآنية.
إن بهذه الآيات من الهداية القرآنية ما لا مطمع لأحد في حصره، ولا استقصائه، ولا حتى في الكشف عن جله وإظهاره، لأن هذا من سر الله في كتابه وهو بحر علوم ومحيط أنوار، يفتح الله من أبواب رحمته ما يشاء على من يشاء، ومن لم يجعل الله نورا فما له من نور، فليأخذ العبد بقدر ما أعطاه مولاه، فمن أعطي الكثير فهو المكثر ومن أعطي القليل فهو المقل، وليس تمَّ إلا الله. قل هو الله أحد.
فقد كره من كره من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الاصطدام بقريش وحاول الفرار من مواجهتها بكل جهد، ويأبى الله إلا ذاك، فكان، وكان فيه من حسن العاقبة والخير الكثير.
كما تنازع الشبان مع الشيوخ الغنائم، وأرادها كل له دون سواه بحسب بلائه في القتال وتأثيره في المعركة، وانتزعها الله من أيديهم وجعلها له ولرسوله فتململ من تململ وكره من كره، ثم قسمها الله عليهم قسمة عادلة بقيت مثلا يحتذى في قسمة كل الغنائم إلى يوم القيامة، فكان من ذلك التدبير من البركة والخير ما لم يَقِل عن سابقه في إرادة الله تعالى النفير لا العير.