"إذا عرف هذا فالسلف كثيراً ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه، وإن كان فيها من الصفة ما ليس في الاسم الآخر، كمن يقول: أحمد هو الحاشر والماحي والعاقب. والقدوس هو الغفور والرحيم، أي المسمى واحد لا أن هذه الصفة هي هذه. ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد كما يظنه بعض الناس، مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم فقال بعضهم: هو القرآن- أي اتباعه- لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي الذي رواه الترمذي ورواه أبو نعيم من طرق متعددة "هو حبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المسقيم"، وقال بعضهم هو الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان الذي رواه الترمذي وغيره "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، وفي السورين أبواب مفتحة، على الأبواب ستور مرخاة، ودل يدعو من فوق الصراط، وداع يدعو على رأس الصراط. قال: فالصراط المستقيم هو الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن".
فهذان القولان متفقان لأن دين الإسلام هو إتباع القرآن ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر، كما أن لفظ ((صراط)) يشعر بوصف ثالث. وكذلك قول من قال: هو السنة والجماعة. وقول من قال: هو طريق العبودية. وقول من قال: هو طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.