وقد يجيء كثيراً من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا، لاسيما إن كان المذكور شخصاً، كأسباب النزول المذكورة في التفسير، كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، وان آية اللعان نزلت في عويمر العجلاني أو هلال بن أمية وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبدا لله وإن قوله {وأنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أنْزَل الله} نزلت في بني قريظة والنضير، وإن قوله:{ومَنْ يُوَلِّهِمْ يَومَئِذٍ دبُرَهُ} نزلت في بدر، وإن قوله:{شَهَادةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أحَدكُمُ المَوْتُ} نزلت في قضية تميم الداري وعدي بن بداء، وقول أبي أيوب إن قوله {ولاَ تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ونزلت فينا معشر الأنصار. الحديث. ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من أهل الكتاب اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين. فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق.
والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقل أحد من علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، والآية التي لها سبب معين إن كانت أمراً ونهياً فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته وإن كانت خبراً بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن بمنزلته أيضاً.