والعرب تضمن الفعل معنى وتعديه تعديته، ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض كما يقولون في قوله {لَقَدْ ظَلَمَكَ بسُؤالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجه} أي مع نعاجه و {مَنْ أنْصَارِي إلى الله} أي مع الله ونحو ذلَك.
والتحقيق ما قاله نحاة البصرة من التضمين، فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها إلى نعاجه، وكذلك قوله {وَإنْ كَادوا لَيَفْتِنًونَكَ عَنِ الَّذي أوْحَينا إلَيْكَ} ضمن معنى يزيغونك ويصدونك، وكذلك قوله {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنا} ضمن معنى نجيناه وخلصناه، وكذلك قوله {يَشْرَبُ بهَا عِبَادُ اللَه} ضمن يروى بهأ. ونظائره كثيرة. ومن قال: لا ريب لاشك، فهذا تقريبَ. وإلا فالريب فيه اضطراب وحركة كما قال:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وفي الحديث: أنه مر بظبي حاقف فقال ((لا يريبه أحد)) فكما أن اليقين ضمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمن الاضطراب والحركة. ولفظ ((الشك)) وإن قيل إنه يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدل عليه. وكذلك إذا قيل {ذلِكَ الكِتَابُ} هذا القرآن فهذا تقريب، لأن المشار إليه وإن كان واحداً فالإشارة بجهة الحضور غير الإِشارة بجهة البعد والغيبة، ولفظ ((الكتاب)) يتضمن من كونه مكتوباً مضموناً ما لا يتضمنه لفظ القرآن من كونه مقروءاً مظهراً باديأ. فهذه الفروق موجودة في القرآن. فإذا قال أحدهم {أنْ تُبْسَلَ} أي تحبس، وقال الآخر: ترتهن ونحو ذلك. لم يكن من اختلاف التضاد وإن كان المحبوس قد يكون مرتهناً وقد لا يكون، إذ هذا تقريب للمعنى كما تقدم.
والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل، أو الذهول عنه، وقد يكون لعدم سماعه، وقد يكون الغلط في فهم النص، وقد يكون لاعتقاد معارض راجح. فالمقصود هنا التعريف