لقد وفق الله الشاعر الإسلامي الكبير وليداً إلى كشف معظم الستور التي تَلَفَّع بها الأصفهاني ليقذف من خلفها سهامه المسمومة في كبد الحقيقة، ومن أبرز توفيقاته في تلك الصفحات المقاربة ثلاث المئات تعريفه لذلك الخبث الشعوبي الذي أقام عليه الأصفهاني بنيان (أغانيه) لتشويه مقومات التاريخ الإسلامي. ويتمثل خبثه ذاك في عرضه الحقيقة ملفوفة بالكثير من الأباطيل، كالذي يشاهده أحدنا في بعض الصحف والمجلات التي تفسح بعض صفحاتها لمقال رفيع بقلم كاتب إسلامي موثوق رغبة في الاستحواذ على ثقة القارئ المؤمن، ثم لا تلبث أن تتبعه بنتاج قلم رقيع يهدمه ويشكك في قيمته الفكرية حتى ليثير الريب في كل ما انطوى عليه ذلك المقال أو البحث الصالح! مَثَلُها في ذلك مَثَلُ زيوت الطعام التي قرر مجلس الدول الأوروبية توزيعها على الشعوب الفقيرة في إفريقية، ثم اتضح من تقارير المتتبعين لهذه التوزيعات أن تلك الزيوت ممزوجة بفضلات الإنسان، أي الغائط البشري حسب تعبير محطة الإذاعة البريطانية!.
وُيقْدم هذا الشعوبي على التمكين لسمومه تحت غطاء من التظاهر بالإسلام، إذ يعرض لاسم واحد من أفاضل الأمة مشفوعا بما يليق به من صيغ التكريم، حتى إذا استوثق من ثقة القارئ المغفَّل رماه بباقعة تجعله موضع الهزء والسخرية!. وقلما سلم من بوائقه هذه فرد أو جماعة أو حزب ممن لهم حميد الذكر بين العرب والمسلمين منذ العهد الراشدي مروراً بالأموي فالعباسي حتى أيام الأصفهاني.. وتحس من خلال ذلك حقده اللاهب على الإسلام وكبار رموزه من الجنس العربي، في حين لا ترى له أي مغمز في أعجمي مهما يبلغ من الإغراق في مجوسيته، فيذكرنا بشعوبية نظيره السابق بشار بن برد في تفضيله إبليس على آدم أبي البشر نكاية بالمفهوم القرآني، وتمجيداً للفكر المجوسي الذي يقدس النار التي منها خُلِق الشيطان!.