للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يعرض المصحف على بعض تلاميذه ويبين سبب نزول بعض الآيات، روى النسائي بسند صحيح عن كعب بن علقمة عن أبي النضر عن نافع مولى ابن عمر قال:"أن ابن عمر كان عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم} (١) فقال: يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا. قال: إنا كنا معشر قريش نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد، فآذاهن فكرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم} "وذكره ابن كثير ثم قال:"وهذا إسناد صحيح "، وقد رواه ابن مردويه عن الطبراني عن الحسين ابن إسحاق عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري عن مفضل بن فضالة عن عبد الله بن عياش عن كعب ابن علقمة فذكره (٢) .

وأما ابن مسعود رضي الله عنه فكان يقرأ على تلاميذه السورة ثم يفسرها في وقت كاف فقد أخرج الطبري بسنده عن مسروق قال: "كان عبد الله يقرأ علينا السورة ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار" ولهذا نرى التابعين الذين تحملوا هذا العلم من أفواه الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرحلون من بلد إلى بلد في طلب تفسير آية واحدة، فهذا سعيد بن جبير يرى أهل الكوفة قد اختلفوا في قول الله تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (٣) فيرحل إلى ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فيسأله عنها فيجيبه بقوله:"نزلت هذه الآية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} وهي أخر ما نزل وما نسخها شيء". أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري (٤) .

وهذا مسروق رحل إلى البصرة في طلب تفسير آية فقيل له: الذي يفسرها رجع إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها (٥) .