للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الجموع وهو لا يحير

أتاه صوت خائف مظلوم

يلتمس العون على ظلوم

فلم يطق صبرا على ما وجدا

ووكز العادي فوافاه الردى

فبات موسى خائفا يرتقب

حصاد ما جر عليه الغضب

ولم يطل مقامه حتى مضى

مسلما زمامه إلى القضا

-٤-

وبعد لأي ساقه التيار

إلى شعيب، ولنعم الجار

وقص فحوى أمره عليه

ثم أصاخ مطرقا إليه

فقال: أنت آمن في كنفي

ومن يعذ بربه لم يخف

ولبث الفتى بظل مدينا

ثمانيا كن له فوق المنى

حتى إذا وفى صداق أهله

فارقه في لهفة لأهله

وفي الظلام أدرك المخاض

أم بنية، وخلا الوفاض

ولاح عن بعد له لألاء..

فقال: دفء ذاك أو ضياء

لكنه ما أن دنا حتى سرى

في سمعه مالم يكن منتظرا

..ورقت النجوى وطاب الكلم

ونال موسى علم مالا يعلم

ومن هنا مضى نبيا مرسلا

يحمل أمر الله والآي العلى

-٥-

وما سوى إيمانه من عون

واقتحم القصر على فرعون

محاولا بث الهدى في قلبه

وبلغ الطاغي وحي ربه

ولم يزده اللين إلا عسرا

لكنه لم يبد إلا كبرا

ذاك الغشوم المستبد العاتي

وظل رغم رؤية الآيات

لقهر موسى كل من به اشتهر

قد ظنها سحرا فنادى فحشر

عند ازدحام القوم في المدينة

وجعل الموعد يوم الزينة

واظطرم البغي، وجن الغي

وصفت الأحبل والعصي

فخيلوا الساق إليهم رأسا

واسترهب المشعوذون الناسا

لولا نتداء من وراء الحجب:

وكاد يعرو الخوف أعصاب النبي

إذن ترى الباطل كيف يزهق

لا تخش واقذف بالعصا ما اختلقوا

إذا أبصروا خلف عصا موسى الهدى

هنا خر الساحرون سجدا

فطاش حتى لم يطق من صبر

وكان فرعون يرى ما يجري

كادت تشل فجأة سريرة

ويالها فضيحة كبيرة

يكبح عنه يقظة الألباب

لذاك لم يلف سوى الإرهاب

مقطعي الأوصال والأعضاد

فعلق القوم على الأعواد

إلا الذي تشاهدونه هنا

يقول: ليس للعصاة عندنا

عن أمرنا.. والويل للمخالف!

ذاك المصير حظ كل صادف

-٦-

وامتحنت مصر بالآفات الكبر

من شؤم فرعون ورهطه الأشر

فالدم والقمل والضفادع

بعض الذي جاءت به الفجائع

فلم يروا منجي من الدواهي