قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أشار في هذه الآية الكريمة إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله لأن معناها مركب من أمرين: نفي وإثبات، فالنفي: خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنه العبادات، والإثبات: إفراد رب السماوات والأرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع، وقد أشار إلى النفي من لا إله إلا الله بتقديم المعمول الذي هو (إياك) ، وقد تقرر في الأصول، في مبحث دليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة، وفي المعاني في مبحث القصر: أن تقديم المعمول من صيغ الحصر، وأشار إلى الإثبات منها بقوله (نعبد) ، وقد بين معناها المشار إليه هنا مفصلا في آيات أخر كقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم} الآية (١) - فصرح بالإثبات منها بقوله:{اعْبُدُوا رَبَّكُم} وصرح بالنفي منها في آخر الآية الكريمة بقوله: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(٢) وكقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}(٣) فصرح بالإثبات بقوله: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} وبالنفي: بقوله: {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}(٤) .
وأخرج مسلم بإسناده عن أبي هريرة مرفوعا في الحديث القدسي المتقدم:"فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة في قوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال: يأمركم أن تخلصوا له العبادة، وأن تستعينوه على أمركم.