ويبين رحمه الله مذهب أهل السنة في هذه القضية بقوله:(وأهل السنة لا يأمرون بموافقة ولاة الأمور إلا في طاعة الله لا في معصيته. فولاة الأمور بمنزلة غيرهم يُشاركون فيما يفعلونه من طاعة الله ولا يُشاركون فيما يفعلونه من معصية الله) . (نفس المصدر ٤/١١٣، ١١٤) .
وانظر إلى موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما تولى الخلافة وخطب في الناس وبين لهم الموقف منه فقال:"يا أيها الناس وليتُ عليكم ولست بخيركم، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم". (البداية والنهاية ٥ /٢٤٨) .
ومن فقه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه "باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية "ثم ساق بإسناده من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". (صحيح البخاري ٤/٣٢٩) .
وقال أبو حامد الغزالي:"ومنها أن يعلم أن رضا الخلق لا يحسن تحصيله إلا في موافقة الشرع وأن طاعة الإمام لا تجب على الخلق إلا إذا دعاهم إلى موافقة الشرع". (فضائح الباطنية ص٢٠٦-٢٠٨) . ثم ذكر آثاراً عن بعض السلف وقال عقبها: فبهذه الأحاديث يتبين أن الطاعة واجبة للأئمة ولكن في طاعة الله لا في معصيته". (فضائح الباطنية ص٢٠٦-٠٨) .
واستنبط المفسر أبو السعود من قوله تعالى:{وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} حكماً حيث قال:"والتقييد بالمعروف مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا به للتنبيه على أنه لا يجوز طاعة المخلوق في معصية الخالق". (إرشاد العقل السليم٢/٥٨٠) .