للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه بعض الأدلة من الكتاب والسنة التي تأمر بالصدق بلا إله إلا الله. وهي كما نرى- فيها: وعد لمن قالها صادقاً بأن يحرمه الله على النار ويدخله الجنة. فأما من دخل النار من أهل هذه الكلمة فلقلة صدقه في قولها، فإن هذه الكلمة إذا صدق قائلها طهر قلبه من كل ما سوى الله، ومتى بقي في القلب أثر سوى الله فمن قلة الصدق في قولها (١) . والمراد بالصدق- الصدق بمعناها ومقتضاها قولاً وعملاً وحالاً- كما اتضح من قوله ابن القيم رحمه الله- آنفاً. أما من قالها بلسانه فقط ولم يواطئ قوله ما في قلبه- كالمنافقين- فقوله كذب (٢) ولم يحقق شيئاً من هذا الشرط. قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (٣) .

الشرط الخامس: المحبة.

المحبة لغة: اسم للحب. والحب: نقيض البغض، وهو الوداد كما يأتي ويراد به: الجرة، والخشابات الأربع التي توضع عليها الجرة ذات العروتين- جمعه: أحباب، وحِببه، وحِبان، وحبوب (٤) .

وفي اصطلاح الفلاسفة: ميل إلى الأشخاص أو الأشياء العزيزة أو الجذابة أو النافعة.

والمراد هنا: المحبة، وهي: المودة والرغبة للا إله إلا الله، ولما اقتضته ودلت عليه من الأقوال والأفعال محبة منافية لضدها. ومن ذلك: أن يكون الله سبحانه ورسوله أحب إليه مما سواهما، والمحبة لأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها، وبغض من ناقض ذلك.

ذلك أنه لا يحصل لقائلها معرفة وقبول إلا بالمحبة، لأن المحبة تدل على الإخلاص المنافي للشرك، ومن أحب الله تعالى أحب دينه.

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ... } الآية (٥) .