وانتفاء هذه المحبة ردة- كما قال ابن تيميه- وهو يتكلم عن المرتد ".... أو كان مبغضاً لرسوله أو لما جاء به اتفاقاً".
بل إن من ساوى بين محبة الله ورسوله وبين محبة غيرهما فليس بمؤمن فضلاً عمن أحب ما سوى الله ورسوله أكثر من محبتهما. قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ... } الآية (١) .
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآنف ذكره عندما سأله أبو رزين عن الإِيمان فقال:"أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما"(٢) .
ومحبة الله ورسوله لا تتحقق إلا باتباع ما بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ... } الآية (٣) .
قال ابن كثير:"هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية بأنه كاذب ... حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله"(٤) .
وقال يحي بن معاذ:"ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده".
وقال أبو يعقوب النهرجوري:"كل من ادعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة".
ومن تمام محبة الله محبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه. فمن أحب شيئاً مما يكرهه الله أو كره شيئاً مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قول لا إله إلا الله، وكان فيه من الشرك بحسب ما كرهه مما يحبه الله، وما أحبه مما يكرهه الله. ولذلك ذم سبحانه وتعالى هؤلاء فقال:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}(٥) وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}(٦)(٧) .