وفي صحيح الحاكم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل ... " الحديث (١) . قال ابن رجب- بعد سياقه هذا الحديث- "وهذا نص في أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة فيه من الشرك الخفي"(٢) .
وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه، وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه، واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتقديمها على غيرها من السنن (٣) .
ومن المعلوم أن الجوارح تعمل- في الغالب- بمقتضى الحب والبغض، يدفعها حب الشيء إلى عمله وبغض الشيء إلى تركه ولذا إذا تمكنت محبة الله تعالى في القلب لم تنبعث الجوارح إلا إلى طاعته عز وجل وهذا- كما قال ابن رجب (٤) - هو معنى الحديث الإلهي الذي خرّجه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه- وفيه " ... ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ... "
الح ديث (٥) .
قال الفاكهاني:"يحتمل ... أن يكون معنى سمعه مسموعه، لأن المصدر قد جاء بمعنى المفعول مثل فلان أملي بمعني مأمولي، والمعنى أنه لا يسمع إلا ذكري ولا يلتذ إلا بتلاوة كتابي ولا يأنس إلا بمناجاتي ولا ينظر إلا في عجائب ملكوتي ولا يمد يده إلا في رضاي ورجله كذلك". وبمعناه قال ابن هبيرة (٦) - وهذا يؤيد ما قاله ابن رجب- آنفا- في معنى الحديث.
الشرط السادس: الانقياد.
الانقياد: لغة: الخضوع والذل. تقول قدته فانقاد واستقاد لي- إذا أعطاك مقادته.
وفي حديث علي: قريش قادة ذادة. أي يقودون الجيوش. وهو جمع قائد (٧) .