وكان رحمه الله شديد الحذر والتحذير من البدع، يخشى على نفسه وغيره من الوقوع فيها، فكان يدعو ربه عز وجل ويسأله السلامة من البدع والثبات على السنة. ويقول:"يا مصرف القلوب، ألهمنا سنة نبيك وجنّبنا الابتداع والتشبه بالكفار".
ويقول:"اللهم أحيي قلوبنا بالسُّنُّةِ المحضة، وأمددنا بتوفيقك ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اهدنا الصراط المستقيم، وجنبنا الفواحش والبدع ما ظهر منها وما بطن ... ".
وُيحَذِّر رحمه الله من البدع وإلْفِها وخطورة ذلك، فيقول:"فمتى تعودت القلوب بالبدع وألفتها لم يبق فيها فضل للسنن". وفي ذلك موت القلوب وهلاكها وضلالها، وفي "اتباع السنن حَياة القلوب وغذاؤها".
وهذه النقول من كلامه رحمه الله تدل على مدى حُبّه للسنة، وحرصه عليها، وحذره من البدعة والوقوع فيها.
وكان من منهجه رحمه الله في دعوة أهل البدع: سلوك طريق الرفق واللين إذا كان المبتدع جاهلاً، لأن ذلك أحرى باستجابته وإقلاعه عن بدعته، فيقول:"فليكن رفقك بالمبتدع والجاهل حتى تردهما عما ارتكباه بلين، ولتكن شدتك على الضال الكافر".
ويقول:"والجاهل يعذر ويبين له برفق ".
ونلمس أحيانا في أسلوبه شيئاً من الشدة والحدَّة ولاسيما مع من بُيِّن له الحق بدليله ولم يرعو عن بدعته وغيِّه.
فنراه يقول بعد أن ذكر نقولاً عن أئمة السلف في باب الصفات:"وقد طولنا في هذا المكان، ولو ذكرنا قول كل من له كلام في إثبات الصفات من الأئمة لاتسع الخرق، وإذا كان المخالف لا يهتدي عن ذكر ما أتت نقول الإِجماع على إثباتها من غير تأويل، أو لا يصدقه في نقلها فلا هداه الله، ولا خير والله فيمن رد على مثل: الزهري، ومكحول والأوزاعي ... ".
ثامناً: وفاته:
توفي الإِمام الذهبي رحمة الله عليه ليلة الاثنين، ثالث ذي القعدة، سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ودفن في مقابر باب الصغير.
وكان رحمه الله قد أضَرّ قبل موته بأربع سنين أو أكثر.