وسيخرج من تلك الدراسة والبحث بمعلومات هي في الحقيقة من القواعد العامة التي يقوم عليها صرح التعليم, وهذه القواعد يمكن إجمالها في أنه إذا أراد أي معلم أن يغرس معلوماته في أذهان تلامذته فلا بد له قبل كل شيء أن يكون ذا إلمام تام بالدرس الذي وكل إليه القيام به, وذا معرفة بالغة بطرق التدريس, وكيفية حسن الإلقاء, ولفت نظر طلابه بطريقة جلية واضحة إلى موضوع الأساسي للدرس, وحصره البحث في موضوع الدرس دون الخروج إلى الهوامش قد تبلبل أفكار التلاميذ, وتفوّت عليهم الفائدة, وأن يسلك في تفهيمهم للعلوم التي يلقيها عليهم طرق الإقناع مستخدما وسائل العرض, والتشبيه, والتمثيل, وأن يركز اهتمامه على الأمور الجوهرية التي هي القواعد الأساسية لكل درس من الدروس, وأن يغرس في نفوسهم كليات الأشياء ثم يتطرق إلى الجزئيات شيئا فشيئا؛ إذ المهم في كل أمر أصله, وأما الفروع فهي تبع للأصول, وأن يركز المواد ويقربها إلى أذهان التلاميذ, وأن يحبب إليهم الدرس ويرغبهم في الإصغاء إليه, ويعلمهم بفائدته وغايته, آخذا في الحسبان تفهيم كل طالب ما يلائمه, وباللغة التي يفهمها, فليس كل الطلبة على حد سواء وأن يفسح المجال للمناقشة معهم, وتحمل الأخطاء التي تأتي في مناقشاتهم لكونها ناتجة عن البحث عن الحقائق, وأن يشجعهم على كل بحث يقضي إلى وقوفهم على الحقيقة, آخذاً الحسبان عوامل البيئة والطباع والعادات والنماذج؛ لأن لتلك الأمور تأثيراً بالغاً في نفسيات التلاميذ ينعكس على أفهامهم وسيرتهم وأعمالهم, ولهذا فإن من المسلّم به أن المعلم النابه الذكي الآخذ بهذه الأمور يكون تأثيره على تلامذته أبلغ من تأثير من دونه من المعلمين, ومهمة المعلم أشبه ما تكون بمهمة الطبيب, ومن واجبه أن يعرف ميول طلابه, ومدى حظ كل منهم من الذكاء, وعلى أساس هذه المعرفة يقدر المقاييس الأساسية التي يسير على نهجها في مخاطبة عقولهم وأفهامهم, وتلك من أهم أسباب نجاح