وأهم العلوم الواجب تعليمها على الإطلاق هو العناية بإصلاح العقيدة على ضوء الكتاب والسنة, وهدى السلف الصالح, ثم العناية ببقية العلوم الشرعية, ثم العلوم الأخرى التي لاغني للبشر عنها, شريطة أن لا يكون من نتائج تلك العلوم الأعراض عن العلم الأساسي الذي خلق الخلق لأجله, وأن تسخر هذه العلوم للمصلحة العامة دون أن تقف حجرا في طريق العلم النافع, ولقد هدى الله من هدى لتعلم العلم النافع وتعليمه بتوفيق منه وفضل وحكمة بالغة, فنفع الله بهم العباد والبلاد, وفازوا بالذكر الجميل, والسمعة الحسنة, ومضاعفة الأجر, وحسن العاقبة, وحرم التوفيق آخرين بسبب تنكبهم الطريق السوي, فكانت علومهم وبالاً عليهم وعلى تلاميذهم, فضلوا في متاهات الكفر والإلحاد والزندقة, وأضلوا غيرهم فباؤوا بمثل إثمهم, وذلك من عدله سبحانه وحكمته وجزائه لمن حاد عن الحق, وتنكّب الصراط السوي, وتابع الهوى أن يبوء بالخذلان والزيغ عن الهدى كما قال سبحانه:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} . وقال تعالى:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} . والآيات في هذا المعنى كثيرة, ونسأل الله أن يرزقنا وسائر المسلمين العلم النافع والعمل الصالح, وأن يلطف بنا جميعاً ويمنّ علينا بالفقه في الدين, والثبات عليه, وأن يصلح ولاة أمر المسلمين وقادتهم, إنه على كل شيء قدير, وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم دين.