إنما كان للفعل الرباعي بناء واحد وهو فَعْلَلَ كما تقدّم لأنهم التزموا فيه الفتحات طلباً للخفة، لكن لما لم يكن في كلامهم أربع متحركات متوالية في كلمة واحدة سكّنوا حرفاً منه؛ وخصوا ثانيه لأن الأول لا يكون إلا متحركاً، وآخر الفعل مبنيّ على الفتح، وصار الثاني أولى من الثالث، لأن الرابع قد يسكن عند اتصال الفعل بتاء الفاعل أو نونه كدَحْرَجْتُ فيلزم التقاء الساكنين لو سكن الثالث، فتعيّن سكون الثاني، وإنما كان للفعل الثلاثي ثلاثة أبنية لوجوب فتح أوله وآخره كما سبق، وبقيت عينه لا يجوز أن تكون ساكنة لئلا [//٩/أ] يلتقي ساكنان عند اتصال تاء الفاعل أو نونه كضَرَبْتُ وضَرَبْناَ فصارت محركة بالحركات الثلاث.
وإنما لم ينقص بناء الفعل عن ثلاثة أحرف لأن الأصل في كل كلمة أن تكون كذلك حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يكون واسطة بينهما؛ إذ يجب أن يكون المبتدأ به محرّكاً، والموقوف عليه ساكناً.
وإنما لم يأت الفعل المجرّد سداسياً لئلا يتوهم أنه كلمتان، ولا خماسياً؛ لأنه قد يتصل به تاء الفاعل أو نونه فيصير كالجزء منه؛ ولهذا يجب أن يسكن له آخر الفعل.
وجاء بناء الاسم المجرّد ثلاثياً، ورباعياً وخماسياً أيضاً؛ لعدم اتصال الضمير المذكور به، ولم يأت سداسياً لما مرّ.
ثم لما كان الفعل الرباعي ثقيلاً بالنسبة إلى الثلاثي كانت مواده أقلّ، والثلاثي المضموم أثقل من المكسور فمواده أقل منه، والمكسور أثقل من المفتوح فمواده أقل منه أيضاً.
[المضارع من الثلاثي]
ولمّا أنهى الكلام على حكم أبنية الفعل المجرّد، شرع في تصاريفه وهي اختلاف حال مضارعه بضم أو كسر أو فتح؛ وبدأ بمضارع المضموم ثم المكسور لقلة الكلام عليهما فقال: