قال أبو الطيب الُّلغويّ:"وكان أول من رسمه، فوضع منه شيئاً جليلاً، حتَّى تعمق النَّظر بعد ذلك، وطوَّلوا الأبواب".
وقيل بل كان وضعه ليتعلمه بنو زياد؛ لأنَّهم كانوا يلحنون، فكلَّمه زياد في ذلك، وكان أعلم الناس بكلام العرب.
وذهب بعض الرواة إلى أنَّ أبا الأسود وضع النَّحو بأمر من عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -.
ذكر أبو البركات الأنباري أنَّ عمر بن الخطَّاب سمع لحناً في القرآن الكريم فأمر "أن لا يقرئ القرآن إلا عالم باللّغة، وأمر أبا الأسود الدًّؤليّ أن يضع النّحو".
وأخرجه الحافظ بن عساكر والسُّيوطيّ (١) .
وحدَّث أبو الحسن المدائنيّ عن عبّاد بن مسلم عن الشَّعبي، قال:"كتب عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى: أما بعد، فتفقَّهوا في الدِّين؛ وتعلَّموا السُّنّة، وتفهَّموا العربيَّة، وتعلَّموا طعن الدَّرية، وأحسنوا عبارة الرُّؤيا، وليعلّم أبو الأسود أهل البصرة الإِعراب".
وأنكر بعض الباحثين المعاصرين أن يكون عمر بن الخطَّاب هو الَّذي أمر أبا الأسود بوضع النَّحو، لتقدم عصر عمر وانشغاله بأمر الدَّولة وبعده عن أبي الأسود الذي كان يسكن البصرة، ولتعارض ذلك مع ما روي، وهو أنَّ الآمر بذلك هو عليّ بن أبي طالب.
ويمكن الجمع بين الرِّوايات الَّتي عزت ذلك إلى عمر بن الخطَّاب، والَّتي عزته إلى عليّ، بأنّ عمر أشار إلى شيء من ذلك، ولكنَّ أبا الأسود تأخَّر في الاستجابة، وتردّد، ثم جدّد الخليفة عليّ الطَّلب، فأمر أبا الأسود فاستجاب بعد أن رأى شيوع اللحن في زمن عليّ.
ومن الثَّابت اهتمام عمر بن الخطاب بسلامة اللغة، ودعوته إلى مرعاة الصَّواب في النُّطق بالمفردات والتَّراكيب.
وتذكر بعض الرِّوايات أنَّ أبا الأسود تلقى الأمر بوضع النَّحو من زياد بن أبيه، لحوادث من الَّلحن ذكروها.