للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يدل على علم ابن هرمز بالعربية وإلمامه بالنحو أن الإِمام ابن مجاهد شيخ القراء كان يستدل بقوله في مجال النحو والعربية، كما نص ابن جني في قوله: "ومن ذلك قراءة يحي وإبراهيم السُّلميَّ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (١) بالياء ورفع الميم؛ قال مجاهد: وهو خطأ قال: وقال الأعرج: لا أعرف في العربية: أفحكم، وقرأ {أَفَحُكْمَ} نصباً".

ويظهر من قول ابن هرمز أنه كان ذا استقراء واسع في مثل هذه المسألة مكنه من القول: إنه لا يعرف في العربية كذا.

وعلى ضوء هذا يمكن أن يقال: إن لابن هرمز نصيباً وافراً من الملحوظات النحوية الأولى في العربية التي كانت تلقى مشافهة، وأنه على قدر من العلم بالمفردات والتراكيب والقرائن اللفظية وما يصاحبها من ظواهر الإِعراب التي سميت فيما بعد بالعوامل، ولهذا نسبت إليه بعض الروايات وضع النحو العربي.

٦- عبد الله بن ذكوان (١٣٠هـ)

وهو عبد الله بن ذكوان القرشي المدني المعروف بأبي الزناد، تابعي مدني ثقة، قال ابن المديني، لم يكن بعد كبار التابعين أعلم منه.

نعتوه بالنحوي، وذكروا أنه كان فصيحاً بصيراً بالعربية يرجع إليه الناس في فهم الشعر وبعض العلوم.

قال الحافظ المزّي: "قال الليث بن سعد: رأيت أبا الزناد دخل مسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان، فمن سائل عن فريضة، ومن

سائل عن الحساب، ومن سائل عن الشعر، ومن سائل عن الحديث، ومن سائل عن معضلة".

وروى يحيى بن بكير عن الليث بن سعد قوله: "رأيت أبا الزناد وخلفه ثلاثمائة تابع من طالب فقه وعلم وشعر وصنوف".

ويبدو أنه كان ذا شهرة في علوم العربية يرجع إليه طلبة العلم في مسائلها، فقد روى أبو بكر الأنباري أن ابن أبي إسحاق قال: "لقيت أبا الزناد، فسألته عن الهمز، فكأنما يقرؤه من كتاب".