ويدل هذا الخبر على بصر أبي الزناد في علوم العربية ولهجاتها "ذلك أن ابن أبي إسحاق كان متفوقاً في الهمز، حتى ذكروا أن ما جمع عنه فيه يؤلف كتاباً، كما ذكروا أنه غلب أبا عمرو بن العلاء فيه، ومع هذا كله نراه معجباً بإحاطة أبي الزناد به، حتى كأنه كان يقرأ من كتاب، فإذا كان على هذه الغزارة في علم الهمز أفلا يرجح أن يكون أوفر علماً في ظواهر العربية الأخرى، كالإعراب وأبنية الكلام؟ ".
ومن هذا - أيضاً - أنّ الكسائي إمام اللُّغة في زمانه كان يسأل ابن ذكوان عن مسائل لغوية وحروف في قراءات أهل المدينة ويستحسن ما يسمعه من إجاباته ويعجب بها، كما روى السمين الحلبي.
٧- عبد العزيز القارىء الملقب ببَشْكُسْت (١٣٠هـ)
يعد بَشْكُسْت من علماء المدينة، ومن نحاتها الشعراء، وكان ذا مكانة مرموقة في النحو جعلت أهل المدينة - حينئذ - يقبلون عليه لتلقي هذا العلم على يديه.
ترجم له القفطي وجعله من نحاة المدينة، وقال:"أخذ عنه أهل المدينة النحو".
وقال ابن عساكر:"وكان نحوياً أخذ عنه أهل المدينة، وكان يذهب مذهب الشراة، ويكتم ذلك، فلما ظهر أبو حمزة الشاري بالمدينة سنة ١٣٠ هـ خرج معه، فقتل فيمن قتل بخلافة مروان بن محمد".
فقيل في مقتله:
لَقَدْ كَانَ بَشْكُسْتُ عبد العَزيز
مِنَ أهل القِرَاءَةِ والمَسْجِدِ
فَبُعْداً لبَشْكُسْت عبد ِالعزيز
وأمّا القران فلايَبْعد
وكان بَشْكُسْت نحويا بارعاً يكره اللحن في الكلام ويأنف منه، وقد عرف عنه ذلك، وله فيه حكايات منها ما رواه ابن عساكر في قوله:"وفد بشكست النحوي على هشام بن عبد الملك، فلما حضر الغداء دعاه هشام، وقال لفتيان بني أمية: تلاحنوا عليه، فجعل بعضهم يقول يا أمير المؤمنين: رأيت أبي فلان، ويقول آخر: مربي أبي فلان، ونحو هذا، فلما ضجّوا أدخل [بَشْكْست] يده في صحفة فغمسها ثم طلى لحيته، وقال لنفسه: ذوقي، هذا جزاؤك في مجالسة الأنذال".