من أدباء المدينة، ويعد من رواة الشعر واللغة والأخبار. قال ياقوت:"كان من رواة الأخبار والأشعار والحفاظ، وكان معلماً من علماء الحجاز".
وروى السخاويّ عن الخطيب البغداديّْ أن ابن دأب "كان راوية عن العرب وافر الأدب عالماً بالنسب، عارفاً بأيام الناس، حافظاً للسير".
وروى السخاويِّ - أيضاً - عن إبراهيم بن عرفة أنه "كان أكثر أهل الحجاز أدباً، وأعذبهم ألفاظاً.
لقي الأصمعيّ في أثناء رحلته إلى المدينة ابن دأب، فحمل عليه وعلى أهلها بعامة، يقول أبو الطيب اللغويّ: "قال الأصمعيّ: أقمت بالمدينة زمانا ما رأيت بها قصيدة واحدة صحيحة إلا مصحفة أو مصنوعة".
ويضيف أبو الطيب: "وكان ابن دأب يضع الشعر وأحاديث السمر، وكلاماً ينسبه إلى العرب، فسقط وذهب علمه وخفيت روايته ... قال الأصمعيّ: العجب من ابن دأب حين يزعم أن أعشى همدان قال:
مَن دَعَا لي غزيِّلي
أَربحَ اللهْ تجَارَتُهْ
وخِضابٌ بِكَفّهِ
أَسْود الّلونِ قارتُهْ
ثم قال الأصمعيّ: يا سبحان الله، يحذف الألف التي قبل الهاء في (الله) ويسكن الهاء ويرفع (تجارته) وهو منصوب، وُيجَوَّز هذا عنه، ويروي الناس عن مثله".
وأنا أخشى أن يكون الأصمعيّ قد بالغ فيما رواه، لأن ابن دأب من منافسيه في رواية الشعر واللغة والأخبار، وهو من أقرانه تقريباً، وطعن الأقران لا يعتد به كما هو معلوم، ولأن ابن دأب من ناحية أخرى كان يحظى عند الخليفة الهادي بالمكانة الرفيعة لما اتصل به، وكان الخليفة يدعو له بتكاء، ولم يكن أحد من الخلق يطمع في هذا في مجلسه، وكان الهادي لا يستطيل به يوما ولا ليلة، لكثرة نوادره وجيد شعره
وحسن: الانتزاع له، ولا يخفى بعد هذا أن داعي الحسد بينه وبين أقرانه وارد.
ويحسب لابن دأب إثراؤه المجالس العلمية في المدينة برواياته من الشعر واللغة، ونقدر تقديرًا استفادة معاصريه من علماء العربية من تلك الروايات وما يدور فيها من نقد أو توجيه أو اقتناص شاهد.